کد مطلب:239478 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:141

قتل الأمین و خیبة الأمل
و ان قتل الأمین، و ان كان یمثل - فی ظاهره - انتصارا عسكریا للمأمون الا أنه كان فی الحقیقة ذا نتائج سلبیة و عكسیة بالنسبة للمأمون، و أهدافه، و مخططاته .. سیما بملاحظة الأسالیب التی اتبعها المأمون للتشفی من أخیه الأمین، الذی كان قد أصدر الأمر لطاهر بالأمس بأن یقتله [1] حیث رأیناه قد أعطی الذی جاءه برأس أخیه - بعد أن سجد لله شكرا !! - ألف ألف «أی ملیون » درهم [2] ثم أمر بنصب رأس أخیه علی خشبة فی صحن الدار، و أمر كل من قبض رزقه أن یلعنه ؛ فكان الرجل یقبض، و یلعن الرأس، و لم ینزله حتی جاء رجل فلعن الرأس، و لعن والدیه، و ما ولدا، و أدخلهم فی « كذا و كذا » من أمهاتهم . و ذلك بحیث یسمعه المأمون ؛ فتبسم، و تغافل ؛ و أمر بخط الرأس [3] .

و یالیته اكتفی بكل ذلك .. بل انه بعد أن طیف برأس الأمین بخراسان [4] .



[ صفحه 177]



أرسل الی ابراهیم بن المهدی یعنفه و یلومه علی أنه أسف علی قتل الأمین، ورثاه [5] .

فماذا ننتظر بعد هذا كله، و بعد ما قدمناه : أن یكون موقف العباسیین، و العرب، بل و سائر الناس منه ..

ان أیسر ما نستطیع أن نقوله هنا هو : أنه كان لقتله أخاه، و فعاله الشائنة تلك .. أثر سی ء علی سمعته، و من أسباب زعزعة ثقة الناس، به، و تأكید نفورهم منه، سواء فی ذلك العرب، أو غیرهم ..

و قد استمر ذلك الأثر أعواما كثیرة، حتی بعد أن هدأت ثائرة الناس، و رجع الی بغداد ...

فقد جلس مرة یستاك علی دجلة، من وراء ستر ؛ فمر ملامح، و هو یقول : « أتظنون أن هذا المأمون ینبل فی عینی، و قد قتل أخاه ؟! ».

قال : فسمعه المأمون ؛ فما زاد علی أن تبسم، و قال لجلسائه :

« ما الحیلة عندكم، حتی أنبل فی عین هذا الرجل الجلیل.. » [6] .

و قال له الفضل بن سهل، عندما عزم علی الذهاب الی بغداد :

« ما هذا بصواب ؛ قتلت بالأمس أخاك، و أزلت الخلافة عنه، و بنو أبیك معادون لك ؛ و أهل بیتك و العرب .. الی أن قال : و الرأی،



[ صفحه 178]



أن تقیم بخراسان، حتی تسكن قلوب الناس علی هذا، و یتناسوا ما كان من أمر أخیك .. » [7] .


[1] لقد نص بعض المؤلفين في كتابه الفارسي « يادبود هشتمين امام » ص 29 علي أن المأمون : « لم يرض بقتل الأمين فحسب، بل أنه هو الذي أمر بقتله .. ».

[2] فوات الوفيات ج 2 ص 269، و الطبري، طبع دار القاموس الحديث ج 10 ص 202، و البداية و النهاية ج 10 ص 243، و حياة الحيوان ج 1 ص 72، و تجارب الامم ج 6 ص 416 المطبوع مع العيون و الحدايق.

[3] مروج الذهب ج 3 ص 414، و تتمة المنتهي ص 186 و الموفقيات ص 140.

[4] تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 298.

[5] البداية و النهاية ج 10 ص 443.

[6] تاريخ بغداد ج 10 ص 189، و البداية و النهاية ج 10 ص 277، و تاريخ الخلفاء ص 320، و روض الأخيار في منتخب ربيع الأبرار ص 186، و فوات الوفيات ج 1 ص 240.

[7] البحار ج 49 ص 166، و مسند الامام الرضا ج 1 ص 85، و أعيان الشيعة ج 4 قسم 2 ص 138، و عيون أخبار الرضا ج 2 ص 160 .

هذا ... و تجدر الاشارة هنا : الي أن بعض المحققين يري : أن قتل الأخ في سبيل الملك، لم يكن من الامور التي يهتم لها الناس كثيرا في تلك الفترة، و لا سيما اذا كان المقتول هو المعتدي اولا، و الأمين هنا هو المعتدي علي المأمون، بخلعه أولا، ثم بارساله جيشا الي ايران لمحاربته، و الذي هزم علي يد طاهر بن الحسين.

و لكننا مع ذلك ... لا نزال نصر علي رأينا في هذا المجال ؛ سيما و أننا نري في النصوص التاريخية ما يدعم هذا الرأي و يقويه.